أقول و انا ميت للشاعر طاهر الذوادي
*** أقول و أنا الميت ***
من يخبر الأحياء أنهم ميتون مثلي
من يخبر الشهداء
أنهم بموت خفيف رحلوا
و أن من بقوا هم مثلهم
بالتقسيط المريح ميتون
مرة أخبرت البحر بكل أسراري
فقال لي أنني اكتفيت
و مرة أخرى تسلقت فيها
وادي قصيدة
و أخبرت الدوار فيها
أنني انتهيت
فردت الأوراق أنها في مهب الريح
مثل كرة من الريش
تسافر بلا هوية
و أن الحروف في رحم الكلام
تولد ميتة قبل السلام
و بعد السلام
و مرة بدفعة واحدة
أهديت قلبي الوحيد
و باقة من زهور عليها اسمي
و تاريخ ميلادي
و صوتي و هويتي
و كل أخباري المستقبلية
و صندوق ذكرياتي
و أخطائي الصغيرة
و ترهاتي الليلية
و صهوة أحاسيسي و مشاعري
و غيرتي و لهفتي للعناق
و قدح الصبر
و ساعتي المعطلة
و أجندتي اليومية
و نظاراتي و عكازي المستقبلي
لعاشقة كانت تنتظرني
بمحطة الراحلين
لقد وزعت كل ما أملك
فلم لست من الغابرين ؟
و أقف مثل تمثال
يتوسط ساحة الشهداء
و ركاما من طين
يتمسح به المشردين
و ماسحي أحذية الشياطين
و المصورين لفيلم مزر
يعاد بين الحين و الحين
ربما كل خمس سنين
عنوانه القحط
على مسرح داروين
أنا و أصدقائي و جيراني
و أطفال الحي و ساعي البريد
و عامل النظافة ميتون
و حتى الجندي في الجبهة
ميت مثلنا
و صاحب الجلالة
هو مثلنا ميت
و صليت صلاة الغائب
على روحي و أرواحكم
و انتهيت
من يخبر الشهداء الأحياء ؟
أننا الأحياء الميتون
كل يوم بألف طريقة
و أننا موزعون على كل الغرائز
و كل الثنايا و كل الشرائع....
و مفتتون و مطحونون
فوق رقعة قمار
لا نتوب من حلم مراوغ
و من فرح مقنع
و من حقيقة الألم العشوائي
ماذا لو خبرتكم ؟
أنني سألت الحياة من الحياة
وجدتها خرساء و بلا صوت
تفرك عينيها كل صباح
و تقف في الطابور مثلي
لتقترض يوما خريفيا
مليئا بالزيف
من فنجان عجوز
تبيع الوهم
على قارعة نهد مغتصب
~ طاهر الذوادي ~
Commentaires
Enregistrer un commentaire